الثعبان والزنبقة
هذه أول ثمار الفنان الشاب ... يترشح منها دم خلاق وحمى هذيانية لحلم المبدع... قصيدة شابة ومريضة، جميلة ورهيبة، أخلاقية وفاحشة". هكذا كان الترحيب بنيكوس كازنتزاكيس من معاصره الذي يكبره سناً، الشاعر كوستوس بالماس، في الطبعة التي صدرت في العام 1906.
يروي لنا كازنتزاكيس في روايته الأولى هذه عن فنان أعجب بما صنعه حتى عشقه ثم صار يعاني العذاب منه ولا سبيل للتحرر منه إلا بالقتل. قبل ثلاث سنوات من كتابة هذه الرواية كان كازنتزاكيس قد جرب، بكونه مراهقاً، مذاق التجربة الجنسية الأولى في بلدته كريت. وكانت ذكرى سلوكه في هذه التجربة قد أحاطته بالندم. وعند عودته إلى كريت في الصيف الأخير من بعد أن أنهى سنوات دراسته، صب هذا الندم في قصيدة نثر تتلئلأ بالصور الإيروسية لعالم قديم مستعاد.هل هي قصة رمزية؟ تقدم المحررة والمترجمة ثيودورا فاسيلس بما يشبه الإجابة على هذا السؤال في المقالة المبكرة لكازنتزاكيس "مرض العصر" التي نشرت متزامنة مع رواية "الثعبان والزنبقة". في هذه المقالة –البيان (أو المانيفستو) الفني يرى كازنتزاكيس الإنسان الحديث متحرراً من ماض ديني قمعي متجهاً إلى ما يبدو أنه في البداية عفوياً ووثنياً ويحمل براءة الحيوان. إلا أن شيئاً ما لا يزال يستعبده ولا يزال يعذبه.
وعبر البطل الشاب المريض في رواية "الثعبان والزنبقة"، الذي يقود حبيبته إلى السرير الذي علق فوقه جمجمة بشرية –على أنها زينة يرى بأنها "أجمل رمز للحب وزينة الفراش الأكثر فحشاً"، نتطلع إلى كازنتزاكيس الشاب وهو في مواجهة مدمرة مع السؤال الفني الخلاق لحياته.