روايتي لروايتي ج2
أحيانًا أستوقف نفسي وأقول لها: أنتِ يا سحر ماذا تفعلين، وماذا فعلتِ؟ كرَّستِ أدبك وإنتاجك لقضيَّةٍ سياسيَّةٍ معقَّدةٍ ونسيتِ أنَّ الأدب السياسيَّ لا يدوم ولا يعمِّر! من سيذكركِ ويقرأ أدبكِ حين تنحلّ القضيَّة أو تتلاشى وتبوخ ذكراها وينساها الناس؟ لكنِّي أعود وأتذكَّرُ أيَّام الاحتلال الأولى وألوف القرويِّين المهجَّرين من أراضيهم، بحميرهم وكلابهم، بجوعهم وعُريهم، جاؤوا من غرب المدينة أسرابًا، بالألوف، ليستظلُّوا أغصان الشجر ويملأوا مروج الزيتون بعجزهم وبكاء أطفالهم، وما تلا ذلك من انتفاضاتٍ واشتباكاتٍ واعتقالاتٍ ومصادراتٍ للأراضي ونسفٍ للبيوت وتكرار المجازر والهزائم، أقول لنفسي: ما كان باليد حيلة. فعلتِ يا سحر ما فعلتِ وما كان لكِ أن تفعلي غير ذلك. فأيّ أدبٍ لا يرصد كلّ هذا الألم والدم والدموع ليس أدبًا، بل قلِّةُ أدب، وأنانيَّة، وجبن، وتمسحة ضميرٍ ومشاعر.
Author:
سحر خليفة
Publisher:
دار الآداب
X-ISBN:
9789953897400